تاريخ المصرفية الإسلامية
على الرغم من أن بداية المصرفية الإسلامية تعود إلى العام ١٩٦٣، إلا أن ممارستها بصورتها الحالية قد بدأت في العام ١٩٧٥ حينما تم تأسيس عدد من المصارف وممارستها للعمل حسب أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها. وأصبحت المصرفية الإسلامية منذ ذلك الحين أحد أسرع القطاعات نمواً في الصناعة المصرفية العالمية. ومع استمرار مناطق جغرافية جديدة في الانفتاح تجاه المصرفية الإسلامية، تشير التوقعات إلى أن الأصول الخاصة بالمصرفية الإسلامية التي تحتفظ بها المصارف في العالم ستستمر في النمو.
وارتفعت وتيرة النمو بشكل مذهل على مدى السنوات العشر الماضية نتيجة لارتفاع الوعي وزيادة الطلب، وكذلك لسهولة الوصول إلى الخدمات المصرفية الإسلامية. وقامت الاستراتيجية والأنظمة في مختلف بلدان العالم، وبشكل خاص في دول مجلس التعاون الخليجي وجنوب شرق آسيا وجنوب آسيا (والتي تضم أكثر من ٥٠٪ من حجم الصناعة المصرفية الإسلامية)، على تمكين وجود نظام مصرفي مزدوج تتعايش فيه المصرفية الإسلامية جنباً إلى جنب مع المصرفية التقليدية.
ويعزز نمو الصناعة المصرفية الإسلامية بارتفاع الطلب على المنتجات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، ليس فقط من جانب والعملاء والخبراء الماليين بمنطقة الشرق الأوسط والبلدان الإسلامية، وإنما كذلك من قبل المستثمرين والعملاء في كافة أنحاء العالم، الأمر الذي يجعل منها صناعة مالية عالمية. فإلى جانب توسعها الجغرافي الشاسع، تشهد المصرفية الإسلامية توسعاً كبيراً عبر كافة قطاعات الأنشطة المالية المختلفة، بما فيها المصرفية الشخصية والتأمين الإسلامي والاستثمارات في الأسواق المالية. ويعزى النمو المستمر في الصناعة المصرفية الإسلامية إلى ثلاثة عوامل: زيادة الطلب من عدد كبير من المجتمعات الإسلامية (بما فيها المهاجرين المسلمين إلى البلدان الغربية)، والثروة النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي ونمو جاذبية الخدمات المالية المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لدى المستثمرين غير المسلمين الذين يرغبون في الالتزام باستثمارات وممارسات مصرفية "أخلاقية".
ومن المتوقع أن تستمر الصناعة المصرفية الإسلامية العمانية (بما فيها النوافذ الإسلامية) في نموها المضطرد على مدى السنوات القادمة، حيث تشير التقارير وأراء الخبراء المصرفيين إلى أن السلطنة ستشهد نمواً في الصكوك مع تطلع المؤسسات بالسلطنة والمنطقة لجمع الأموال بأسلوب يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
نظرة عامة
المصرفية الإسلامية هي نظام مصرفي إسلامي يتم عبره إجراء الأنشطة المالية والأعمال حسب مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وتبعاً للمعتقدات والمبادئ الشرعية الإسلامية المتعلقة بالتجارة وتبادل الأموال والأصول والمنافع ، أو ما يسمى بفقه المعاملات. ويشكل القرآن الكريم والسنة وغيرهما من مصادر التشريع الإسلامي مثل الإجماع والقياس والاجتهاد المصدر الأساسي الذي يستمد منه فقه المعاملات.
وتسعى المصرفية الإسلامية إلى اجتناب كافة الأنشطة المحظورة مثل الربا والغرر وتمويل التجارة المحرمة، مثل الخمور والمواد الإباحية والميسر وما شابه ذلك.
إن الاختلاف الأساسي بين المصرفية الإسلامية والمصرفية التقليدية هو أن المصرفية الإسلامية تقوم على أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية التي شرعها الله سبحانه تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة، بينما مبادئ المصرفية التقليدية من صنع البشر. ومن ثم فإن كافة سمات المعاملات، مثل خصائص المنتجات وأساليب التعامل ، تكون مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية، مما يؤدي إلى الاختلاف البين بين المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية.
ولا يساوم المصرف الإسلامي على المبادئ الشرعية على الرغم من أنه مؤسسة تسعى إلى تحقيق ربح منشود للمساهمين والمودعين ، وذلك لأن المصرف الإسلامي لا يقوم على تسعير وتبادل الأموال بالفائدة المحرمة، مثلما تفعل المصارف التقليدية، بل أنه نظام للتجارة يتم من خلاله بيع وشراء السلع والخدمات واستثمار رأس المال من خلال تحمل المخاطر من أجل الحصول على أرباح شرعية. ويقوم على مبدأ التشريع القرآني الذي يبيح التجارةويحرم الربا.
وتشمل المبادئ الأساسية لأي مصرف إسلامي ما يلي:
- عدم وجود التعاملات القائمة على الربا
- تفادي الأنشطة الاقتصادية التي تنطوي على ظلم
- تفادي الأنشطة الاقتصادية التي تنطوي على غرر
- تفادي الأنشطة التي تشتمل على الميسر (القمار)
- عدم تشجيع إنتاج السلع والخدمات المحرمة التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية
المسئولية الاجتماعية
تلعب المصارف الإسلامية أدواراً هامة في جانب المسئولية الاجتماعية، كما أن جوهر الاقتصاد الإسلامي وأسسه ومبادئه تعمل على تحقيق العدل والمساواة بصورة تلقائية، وذلك مثل دفع الزكاة بشكل سنوي من قبل المصارف الإسلامية والتي تذهب للمحتاجين ومصارف الزكاة المبينة في القرآن الكريم، حيث أنها تساعد على تخفيف الفقر وتساعد على تنمية المجتمع. والزكاة تستقطع من الدخل الصافي للمصارف وتدفع على أساس سنوي. إضافة إلى ذلك، تسهم منتجات تمويل محدودي الدخل في تحقيق التوازن في المجتمع بواسطة منتجات المضاربة والمشاركة والوكالة.
ويشير تعبير المسئولية الاجتماعية في المصارف الإسلامية إلى كافة الأنشطة التي تقوم بها تلك المصارف لتتمكن من أداء مسئولياتها الدينية والاقتصادية والأخلاقية، وبعبارة أخرى فإن المصارف الإسلامية مسئولة وملتزمة تجاه المجتمع من خلال تقديم مصرفية وخدمات متفقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وعلى التوافق مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في كافة تعاملاتها وأعمالها، وذلك فيما يتعلق بمسئوليتها الدينية. أما بشأن المسئولية الاقتصادية فإن المصارف الإسلامية يجب أن تجري أعمالاً وأنشطة مربحة من الناحية المالية وأن تحفظ أموال المساهمين والمودعين وتعمل على تنميتها. وتشير المسئولية الأخلاقية إلى التزام المصارف الإسلامية باحترام عقيدة المجتمع وعاداته وتقاليده التي لا تتضمنها القوانين المدنية.